تقرير: يونيو/حزيران 2022

شهد نهاية شهر مايو/ أيار 2022 تدشين حملة "حتى آخر سجين"^[1]، الحملة جاءت للضغط على مؤسسات الدولة بناء على تصريحات العديد من المسئولين عن أن النية تتجه للأفراج عن عدد من المعتقلين[2] وجاء ذلك على لسان رئيس الجمهورية خلال إفطار رمضاني وتم بناء عليه تشكيل لجنة عفو لتولي هذه المهمة[3] وذلك في إطار دعوة لحوار وطني واسع بدأ الاستعداد له خلال هذا الشهر. وهذه الحملة دليل على انه رغم القمع الذي شهده المجتمع المدني على مدار السنوات العشر الأخيرة، فأنه مازال قادر على الحركة كلما فتحت أمامه مساحة، فرغم عدم قدرة المجتمع المدني على العمل بفعالية في ظل القمع إلا انه لم يمت وحاضر لاستغلال أي مساحة تتاح للعودة للقيام بدوره.

أولا- حرية تكوين الجمعيات:

شهد هذا الشهر مناقشات في مجلس النواب حول توفيق أوضاع منظمات المجتمع المدني، وتجديد بعض القيود على المدافعين والعاملين في المجتمع المدني كالمنع من السفر^[4]، فعقدت لجنة التضامن الاجتماعي والأسرة والأشخاص ذوى الإعاقة بمجلس النواب اجتماعا في 21 من يونيو/حزيران 2022 لمناقشة بعض طلبات الإحاطة المقدمة من الأعضاء بشأن وضعية المجتمع المدني، ومنها طلب مقدم من النائب إيهاب منصور عن المصري الديمقراطي، بشأن توفيق أوضاع المؤسسات والجمعيات إلكترونيا.^[5]

ثانيا-حرية عمل الجمعيات والعاملين بها:

شهد هذا الشهر بدأ الاستعداد لمؤتمر تغير المناخ COP 27 من قبل الوزارات والمجتمع المدني.^[6] وأعلن رئيس الجمهورية في هذا الإطار أن مصر ستعمل خلال رئاستها لقمة المناخ على إيصال جميع الأصوات وتضمين كل الرؤى والتوجهات، وعلى إقامة شراكات حقيقية بين الحكومات وغيرها من الأطراف الفاعلة من المجتمعات ومؤسسات تمويل ومنظمات دولية ومجتمع مدني.^[7]

وعلى جانب اخر أستمرت بعض المنظمات في انتهاج استراتيجية الضغط عبر الخارج فطالبت 8 منظمات حقوقية الاتحاد الأوروبي^[8] ربط الشراكة الأوروبية المصرية بالتقدم في العلاقات الثنائية مع مصر بمعايير محددة لتحسين حالة حقوق الإنسان، وذلك قبل الاجتماع الثنائي للشراكة الأوروبي المصري.^[9]

وعلى مستوى الضغط الداخلي، أدانت مجموعة من منظمات المجتمع المدني قرار محكمة جنايات القاهرة الجديدة الصادر في 23 يونيو/حزيران 2022 برفض الطعن المقدم من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، على قرار النيابة بحفظ التحقيقات ‏في قضية وفاة الباحث الاقتصادي أيمن هدهود، وطالبت المنظمات باستكمال التحقيقات والاستجابة لطلبات الدفاع خاصة مع وجود قرائن حول احتمالية الوفاة “غير طبيعية” لهدهود.^[10]

ثالثا- حرية التعبير

شهد هذا الشهر انفتاح كبير حيث عادت رموز المعارضة المصرية في الظهور على وسائل الإعلام المصرية، كما عاد العديد من الكتاب إلى الصحف التي أوقفت التعامل معهم لسنوات، ولم يشهد هذا الشهر ملاحقة للأصوات المعارضة على الفضاء الإلكتروني. إلا انه تجدر الإشارة إلى تقدم المجلس القومي للمرأة ببلاغ للنائب العام ضد أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر "مبروك عطية" على خلفية تعليقه على حادثة مقتل الطالبة الجامعية نيرة أشرف على يد زميلها في مقطع فيديو حيث تحدث عن ضرورة خروج المرأة إلى الشارع مثل ال"قفة"، خرج بعدها عطية في مقطع مصور على حسابه على فيسبوك، معلنا التوقف لأجل غير مسمى عن الظهور الإعلامي.^[11]

كما استمرت بعض المنظمات في مساندة ضحايا حرية الرأي والتعبير كما بات يطلق عليهم/ حيث نددت مجموعة من منظمات المجتمع المدني بقرار النائب العام بإدراج الباحث وليد سالم على قوائم الممنوعين من السفر، وطالبت بإلغاء هذا القرار وتمكينه من السفر والعودة لدراسته بجامعة واشنطن في الولايات المتحدة. وترى المؤسسة أن هذه الخطوة هي تكرار لمنع الباحثين والأكاديميين من السفر واستخدام هذه الإجراءات كعقاب لهم.^[12]

رابعا-الوصول إلى المعلومات:

عقد المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، اجتماع حول "مكافحة مواقع العنف وإثارة الفتن"، وخرجت الجلسة بعدة توصيات منها حث المؤسسات الصحفية التي تمتلك مواقع الإلكترونية على إنتاج محتوى يتناسب حديث وتوعوي لفئة الأطفال والمراهقين، ودعم الحريات الإعلامية وحماية حرية الرأي والتعبير والإسراع بإصدار قانون حرية تداول المعلومات، والسرعة في اتخاذ الإجراءات التشريعية لوضع آليات لما يتم تناوله على منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك تطبيق عقوبات مشددة على حالات اختراق القيم الإنسانية والدين من خلال تفعيل الأكواد الخاصة بالنشر.^[13]كما وضعت المحكمة الإدارية العليا شروطا لتوقيع العقاب على من أساء أو نشر أو ارتكب جريمة بواسطة مواقع التواصل الاجتماعى.^[14]

في المقابل أقامت مؤسسة حرية الفكر والتعبير الدعويين في مايو 2021، طعنًا على القرار السلبي بالامتناع عن بث جلسات مجلسي الشيوخ والنواب تليفزيونيًّا ورقميًّا، ونشرها مكتوبة من خلال الجريدة الرسمية.

الخاتمة

بينما تظل مختلف العناصر ثابته إلى حد بعيد يظهر في هذا الشهر تغير كبير في مقياس حرية التعبير، حيث عادت أصوات المعارضة للظهور في الصحف والإعلام، كما انخفضت ملاحقة أصحاب الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما سبق الإشارة له في المقدمة من قدرة المجتمع المدني على التفاعل مع أي مساحات يتم فتحها في المجال العام. يظل مؤشر حرية تداول المعلومات هو الأقل ما بين مختلف المؤشرات وهو ما يستوجب من المجتمع المدني التعامل معه كأولوية ضمن حركتهم في المساحات التي يتم إتاحتها في المجال العام خلال مرحلة الحوار الوطني.