شهد هذا الشهر بدء عمل لجنة العفو الرئاسي، وعمل منظمات المجتمع المدني على وضع معايير وضوابط لعمل اللجنة والإفراج عن السياسيين ومساجين الرأي. وذلك في إطار دعوة رئيس الجمهورية لحوار وطني من المفترض أن يكون المجتمع المدني أحد أطرافه ومع ذلك استمر تجديد حبس مساجين الرأي في قضايا استخدام المواقع الإلكترونية. كما بدأت الاستعدادات لمؤتمر التغيرات المناخية cope26 والمزمع عقده في بداية شهر نوفمبر/تشرين ثاني بشرم الشيخ.

أولا- حرية تكوين الجمعيات:

في حوار بين مدى مصر ورئيس اللجنة النقابية بأندية هيئة قناة السويس كرم عبد الحليم، كشف عن تدخل جهاز الأمن الوطني في منعه من الترشح في الانتخابات العمالية، بعدما رفضت الجهة المسئولة توثيق إحدى الأوراق الضرورية بالختم الرسمي لإيداع أوراق ترشحه في المرحلة الثانية من الانتخابات العمالية الحالية، بدعوى وجود تعليمات من جهة أمنية ألا يسمح النادي بتوثيق تلك الورقة.^[1]

ثانيا-حرية عمل الجمعيات والعاملين بها:

أرسلت منظمة العفو الدولية للتساؤل حول مدى إمكانية وجود احتجاجات سلمية ومظاهرات خلال COP 27 والتي ستنظم في مصر هذا العام في مدينة شرم الشيخ، وصرح وزيرة الخارجية المصري سامح شكري لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية "Associated Press" في 23 من مايو/أيار إن الاحتجاجات السلمية سوف يسمح بها خلال فترة إقامة قمة المناخ في شرم الشيخ في نوفمبر/تشرين الثاني داخل منشأة خاصة يجري تطويرها، مجاورة لمركز المؤتمرات الذي سوف يستضيف القمة، بما يوفر للمشاركين فرصة للتظاهر والتعبير عن الرأي.^[2]

دشن برنامج تطوير الجمعيات الأهلية بمؤسسة مصر الخير حملة لتوعية العاملين بالعمل الأهلي المحلي والعربي بمخاطر التغيرات المناخية، ودورهم في مواجهة تلك التغيرات تحت عنوان حملة "مناخ مستدام".^[3]

وفي إطار التعاون بين وزارة التضامن الاجتماعي وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، قامت وزارة التضامن الاجتماعي بتوقيع بروتوكول تعاون بين الوزارة والمؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والمشروع القومي لتطوير الريف المصري "حياة كريمة". ويهدف هذا البروتوكول إلى الارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسر في قرى الريف المصري عن طريق تنفيذ عدد من المشروعات التنموية تشمل أربعة برامج أساسية وهى البرنامج العملي لتعزيز جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر وبرنامج التربية على حقوق الإنسان بما يتوافق مع الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وتصميم وتنفيذ برنامج لبناء المعرفة والوعى في مجالات تعزيز المواطنة وضمان تكافؤ الفرص ونبذ الكراهية والتعصب والتطرف وبرنامج تعزيز الوعى بالأهداف 10 و16 من أهداف الخطة العالمية للتنمية المستدامة 2030 والتعريف بالتقدم الذى تم إنجازه في سياق تفعيل رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.^[4]

في إطار عمل المجلس القومي للمرأة على مناهضة العنف الموجهة ضد النساء، أعلن المجلس القوى للمرأة بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة عن إطلاق خلال شهر يونيو/حزيران مجموعة من فيديوهات التوعية حول مناهضة العنف ضد المرأة، وذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي.^[5] كما أصدر المجلس الأعلى للإعلام الأكواد الأخلاقية الإعلامية فيما يتعلق بمعالجة القضايا الدينية وقضايا المرأة المصرية، وهو ما لقي ترحيب من قبل المجلس القومي للمرأة وبعض الجمعيات والمؤسسات العاملة بهذا المجال.^[6]

ثالثا- حرية التعبير

في إطار عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم إعادة تشكيل في نهاية شهر إبريل 2022، أرسلت بعض المؤسسات الحقوقية في  23 مايو/أيار 2022، إلى أعضاء لجنة العفو الرئاسي أولى قوائمها بأسماء المحبوسين على ذمة قضايا ذات خلفية سياسية أو جنائية،^[7] بعد إطلاق استمارة إلكترونية غير رسمية لجمع أسماء وبيانات السجناء لإرسال قوائم العفو للجنة العفو الرئاسي في الأول من مايو/أيار.^[8] حيث قررت نيابة أمن الدولة إخلاء سبيل 11 محبوسًا احتياطيًا على ذمة قضايا سياسية، فيما قررت محكمة جنايات القاهرة، إخلاء سبيل 14 متهمًا آخرين على ذمة قضايا سياسية، وتوالت الأعداد، كما بدأ العفو الرئاسي عن المحكومين سياسيا.^[9]

إلا أن هذه الانفراجة ليست متكاملة فقد استمر تجديد حبس بعض نشطاء المجتمع المدني بتهم استخدام حساب على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للأخبار الكاذبة والانضمام للجماعات الإرهابية،^[10] ففي 9 من مايو/أيار جددت محكمة الجنايات (غرفة المشورة)، حبس نور الدين شاكر لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 65 لسنة 2021 حصر نيابة أمن الدولة العليا. والذي أُلقي القبض عليه من منزله بأسيوط، لانضمامه إلى رابطة ألتراس زملكاوي.^[11] كما استمرت عمليات القبض وتجديد حبس مستخدمي التيك توك أخرها كان  القضية المعروفة إعلاميًّا بقضية ظرفاء الغلابة لتقديمهم اغنية حول زيادة الأسعار.^[12]

رابعا-الوصول إلى المعلومات:

أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير دراسة تحت عنوان "المراقبة الجماعية.. ممارسة ممنهجة في مؤسسات الدولة"، والتي توضح من خلالها بعض الممارسات التي تقوم بها بعض المؤسسات الحكومية المصرية لمراقبة الجماعية للمجال الرقمي والافتراضي للأفراد، ومنهم المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والنيابة العامة، والجامعات، ووزارة الداخلية (الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات). والتي تشترك كل هذه الجهات في انتهاك الخصوصية والوصول إلى إجراءات تأديبية كالفصل، والملاحقة الجنائية، التي وصلت في بعض الحالات إلى الإحالة إلى محكمة أمن الدولة طوارئ. ^[13]

الخاتمة:

المدهش في تطورات الشهر التحول الكبير في حرية التعبير فقد بدأت فتح مساحات للمعارضة في الشاشات المملوكة للأجهزة، إلى جوار ما سبق الإشارة له من إطلاق سراح العديد من سجناء الرأي وبداية صدور عفو عن بعض المحكومين. وهو ما يشير لبوادر جدية لكنها ليست كافية للجزم بحدوث تطور إيجابي. وهنا يجب الإشارة أن ذلك يتم بدعوة ورعاية بل توجيه من رئيس الجمهورية وفي إطار مجموعات محددة أي أننا في اتجاه حرية رأي مخططة. كما يجب الإشارة أن هذه الانفراجة تأتي مصاحبة لبداية أزمة مالية واقتصادية كبيرة يشير لها معظم المحللين الاقتصاديين.