آخر التطورات
عد الى الخلفالعراق: اقتحام مجلس النواب ومحاصرة مجلس القضاء الاعلى خطوة نحو انفجار الازمة السياسية ام انهاءها؟
راصد الفضاء المدني في العراق – تقرير شهر اغسطس / آب 2022
شكلت خطوة انصار التيار الصدري[1]،
باقتحام بناية مجلس النواب والسيطرة عليه ومنع اعضاءه من عقد جلسة انتخاب رئيس جمهورية،
ومن بعدها توجههم الى محاصرة بناية مجلس القضاء الاعلى، بداية لكسر الجمود السياسي
فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، ولكن بطريقة سحب الخيارات الى حدود قريبة من التصادم الذي
قد ينذر بانفجار الوضع العام، بطريقة قد تمهد لعنف بين الفرقاء السياسيين، خصوصاً
بعد اعلان زعيم التيار الصدري رفضه الحوار مع باقي الكتل رغم الوساطات السياسية،
ما ترشح عن هذه التطورات في الجانب السياسي وانعكاسها على الفضاء المدني هو عودة
الاحتجاجات الشعبية وتنوعها من حيث التوجهات والغايات.
1. احتجاجات ذات بعد سياسي شكلاً ومضموناً
حيث شهدت العاصمة احتجاجات في مناطق
جغرافية عدة فانصار الاحزاب السياسية خرجوا بتظاهرات عدة باعتماد اسلوب اثبات
الوجود في الشارع، الاولى تأييد للتيار الصدري قادها انصار التيار والمتعاطفين معه،
داخل مجلس النواب حيث لا يزال اعتصامها مستمر لمدة تقارب على الشهر، والثانية
تأييد لأحزاب الاطار التنسيقي نظمها انصارهم، تطالب بوجوب تدخل الحكومة واخراج
المتظاهرين من بناية المجلس لغرض التهيئة لانتخاب رئيس الجمهورية.
2. احتجاجات شعبية لغاية سياسية
حيث عادت الاحتجاجات الشعبية لمؤيدي حراك
تشرين ولكن بتظاهرتين كل واحدة نظمت في جانب من جوانب العاصمة بغداد، عكست
الانقسام الموجود في الحراك الشعبي، تجاه التعامل مع الانسداد السياسي الموجود
حالياً، حيث تباينت خيارات المتظاهرين بين تظاهرة تدعو الى تغيير شكل النظام
السياسي بشكل كامل واعادة كتابة الدستور بينما طالبت التظاهرة الاخرى التي ضمت
عدداً من الاحزاب السياسية التي انبثقت عن الاحتجاجات وأخرى قاطعت الانتخابات[2]، الى
حل مجلس النواب والعمل على اجراء انتخابات مبكرة في ظرف سنة واحدة مع التأكيد على
تطبيق قانون الاحزاب السياسية بشكل كامل وبطريقه تحول دون مشاركة الاحزاب التي تمتلك
اجنحة مسلحة في العملية السياسية، اذ يلاحظ وجود فجوة بين أجيال المحتجين وكلما
كان الأفراد اصغر سناً، اصبحت مطالبهم بالتغيير ورفضهم للنخبة السياسية والنظام
أكثر راديكالية [3].
هذا يعكس طبيعة الانقسام
الموجود فيما بين المتظاهرين حول اسلوب التعامل مع الواقع السياسي بما يضعف كل
الطروحات الاحتجاجية في قبال الازمة السياسية الحالية، بالإضافة الى وجوب الاقرار
بحقيقة ان الحركة اصبحت أكثر انقسامًا من أي وقت مضى، نتيجة لتسلل القوى الحزبية
والدينية إليها ومحاولة فرض أهدافها عليها، وكذلك استقطاب البعض من قبل الحكومة، في
مقابل انضمام الاخرين لأحزاب نتجت عن الاحتجاجات، بالتالي يمكننا أن توقع أن حركة
تشرين في ظل هذه الازمة ما عاد لديها إمكانيات احداث اثر كما كان عليه وضعها في
السابق.
ويدلل على هذا بشكل واضح، ان
احزاب السياسية الجديدة التي دخلت لمجلس النواب لأول مرة وانبثقت عن احتجاجات
تشرين كحركة امتداد وبعض النواب المستقلين لم توجه لهم الدعوة اصلاً لحضور الحوار
الذي دعا اليه رئيس الوزراء لحل الازمة السياسية.
الفضاء المدني في ظل الازمة الحالية
-
لم يختلف واقع الحريات الصحفية في ظل الازمة
وانما ازداد الوضع تعقيداً في ظل الخوف من المسؤولية القانونية التي يمكن ان تترتب
على اي تصريح او تعبير صحفي يمس مؤسسات الدولة قد يؤدي الى رفع دعوى قضائية على
اساس ارتكاب جريمة اهانة المؤسسات العامة، بينما ازداد حجم التضييق على الحريات
الصحفية في موضوع الوصول او نقل الحدث اذ تابع، فنتيجة لاحتجاجات شعبية انطلقت في
السليمانية للمطالبة بخدمات وصرف الرواتب من قبل حكومة اقليم كوردستان، صرح "
مرصد الحريات الصحفية JFO"
، بتعرض مراسل قناة NRT
"كارزان طارق" والمصور "جينر أحمد" للاعتقال في السليمانية،
كما صرحت القناة إن الاعتقال تم دون أمر قضائي، واستمر ساعات قبل أن تفرج القوات
عن الاعلاميين . في المقابل فان رئيس مركز مترو لحماية حقوق
الصحفيين صرح بان عدد من اعتقل نتيجة لتظاهرات السليمانية بلغ 11 صحفياً في عموم
مناطق الاقليم، بالإضافة الى اعتقال ناشطين ومدونين لأسباب تتعلق بالنشر في مواقع
التواصل الاجتماعي.
-
اما على صعيد الخطاب الاعلامي والمتداول في
مواقع التواصل الاجتماعي فقد شهد خلال هذه الفترة تصاعداً مخيفاً في حجم خطاب
الكراهية بين مؤيدي الفرقاء السياسيين، دون ان تكون هناك اي اجراءات فاعلة في الحد
منه نتيجة لضعف المنظومة القانونية الخاصة بمتابعة هذه الخطابات مع عدم فاعلية
الجانب التنفيذي في انفاذ النصوص القانونية، وهو ما يعكس ازدواجية الازمة في
التعامل مع الاعلام، حيث يشدد الخناق على حرية التعبير في مقابل انفلاته تجاه خطاب
الكراهية.
-
اما عن تفاعل مكونات المجتمع المدني مع
الاحداث ومحاولة التأثيراً، فقد اصدرت مجموعة من المنظمات غير الحكومية بياناً دعت
فيه الاحزاب السياسية الى العمل على اجراء حوار سياسي شامل لغرض الخروج من ازمة
تعطل مجلس النواب نتيجة لاعتصار انصار التيار الصدري فيه، وعرضت ان تقوم بدور
الوساطة في الازمة والمبادرة في طرح الحلول ، ولم تلاقي المبادرة اي ردة فعل او
استجابة من اطراف الازمة، فيما لم يصدر عنها اي بيان عند محاصرة بناية مجلس القضاء
الاعلى واقتصر التنديد على التنظيمات ذات الطابع الحقوقي كنقابة المحامين التي
اعلنت وقف اعمالها تضامناً مع قرار السلطة القضائية غلق المحاكم نتيجة للتظاهرات
التي وصلت الى بوابة مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية العليا الرئيسية، فيما دعا
اتحاد الحقوقيين العمل على الاحتكام للدستور وقيام الحكومة بواجبها بحماية مقرات
السلطة القضائية.
[1] تيار يتزعمه رجل الدين السيد (مقتدى
الصدر) وكان قد فائز بالانتخابات
النيابية الاخيرة، ونتيجته لعدم تمكن مجلس النواب من عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية
بعد تمسك اعضاء الإطار التنسيقي (ائتلاف احزاب شيعية اسلامية) بخيار كسر نصاب
انعقاد الجلسات، بادر نواب التيار الصدري جميعهم بتقديم استقالة من عضوية المجلس،
كسلوك احتجاجي على عدم السماح لهم بتشكيل حكومة اغلبية سياسية.
[2] اصدرت التظاهرة
بياناً باسم (11) حركة سياسية تضمن مبادرتها لحل الازمة وهي (الحزب الشيوعي العراقي، الحزب
الاجتماعي الديمقراطي، حزب الامة العراقي، الحركة المدنية الوطنية، حركة نازل اخذ حقي الديمقراطية، الجبهة الفيلية، حراك البيت العراقي، التيار الديمقراطي، المجلس التشاوري، حركة تشرين الديمقراطية)
[3] الحركات الاحتجاجية في العراق في عصر “مجتمعٍ مدني جديد” منشور على الموقع
الالكتروني https://fanack.com/ar/opinion-ar/protest-movements-in-iraq~124550/