الفضاء المدني في المنطقة العربية

يسعى هذا المرصد إلى تغطية أخبار الفضاء المدني في المنطقة العربية وتحليلها ومواكبة المجتمع المدني بكافة تحدياته وانتقالاته
البحرين: قراءة موجزة حول الفضاء المدني في ظل الحرب على غزة فلسطين:حقوق الإنسان - حبر على ورق – انتهاكات مستمرة وازدواجية معايير موريتانييا: التحديث الشهري لأنشطة الفضاء المدني خلال شهر أكتوبر 2024 الجزائر :البيئة التمكينية لشهر تشرين الأول أكتوبر2024 السودان: حالة الفضاء المدني -تقرير شهر أكتوبر 2024 العراق :ايقاظ مذكرات قبض منسية تحت الرماد المغرب :إضرابات واحتجاجات اليمن: بين تهم الجاسوسية وصمت العالم: استمرار احتجاز الحوثيين للعاملين في الإغاثة والمجتمع المدني لبنان: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة مصر: تقرير المجتمع المدني البحرين: قراءة موجزة حول الفضاء المدني في ظل الحرب على غزة الجزائر: دعوات لإطلاق سراح سجناء الرأي مصر: استمرار تعاون الدولة مع منظمات المجتمع المدني العراق: المجتمع المدني وصراع جديد للوصول الى المعلومات المجتمع المدني في الأردن: تحديات التمويل والاستقلالية لبنان : الاعتداءات الاسرائيلية على الصحافيين المغرب: عودة قضية الهجرة غير النظامية لتخيم على المشهد العام الفضاء المدني في فلسطين: مسرحا لانتهاكات حقوق الإنسان اليمن: اعتقالات واسعة حالة الفضاء المدني في السودان
آخر التطورات
عد الى الخلف
اليمن: بين تهم الجاسوسية وصمت العالم: استمرار احتجاز الحوثيين للعاملين في الإغاثة والمجتمع المدني
Nov 26, 2024

اليمن: بين تهم الجاسوسية وصمت العالم: استمرار احتجاز الحوثيين للعاملين في الإغاثة والمجتمع المدني

 

يثير استمرار احتجاز جماعة أنصار الله (الحوثيين) لحوالي 60 من العاملين في المجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة في اليمن،[1] منذ يونيو 2024 قلقاً واسعاً على المستويات الإنسانية، القانونية، والدولية. تأتي هذه الاعتقالات ضمن نمط متزايد من المضايقات ضد العاملين في الإغاثة والمجتمع المدني في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، حيث وُجهت إليهم اتهامات بالجاسوسية، وهو ما يتناقض مع القوانين الدولية التي تحظر الاحتجاز التعسفي وتلزم الأطراف المسلحة باحترام وحماية العاملين في المجال الإنساني والمجتمع المدني.



من الناحية القانونية، يشكل هذا الاحتجاز خرقاً للقانون الدولي الإنساني، الذي ينص على حماية العاملين الإنسانيين ومنع تعرضهم للاعتقال التعسفي، كما يجب ضمان تواصلهم مع أسرهم ووصولهم إلى حقوقهم الأساسية. لكن الحوثيين يتبعون سياسة احتجاز أكثر تشدداً لأغراض سياسية. على سبيل المثال، اتهم جهاز الأمن الحوثي المعتقلين بالانخراط في شبكة تجسس، وهي تهمة غالباً ما تُستخدم لتبرير الاعتقال التعسفي دون أي أدلة ملموسة، مع اللجوء إلى بث اعترافات يُعتقد على نحو واسع أنها انتُزعت تحت الإكراه. وفي حال تمّت إدانة هؤلاء المحتجَزين عبر المحاكم الحوثية، فإن العقوبة التي تنتظرهم هي السجن لفترات طويلة أو الإعدام.




تتجاوز التداعيات حدود الأفراد المعتقلين لتؤثر بعمق على أسرهم، حيث يعاني ذووهم من قلق كبير وتهميش اجتماعي نتيجة غياب معيلهم دون وجود أي معلومات عن مكان احتجازهم أو وضعهم القانوني. إلى جانب ذلك، يؤدي احتجاز الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات غير الحكومية إلى توقف العمل الإنساني في اليمن، حيث يواجه نحو 18 مليون شخص حاجة ماسة للمساعدات والخدمات الإنسانية. منعت هذه الاعتقالات الموظفين من القيام بعملهم وأعاقت مشاريع إنسانية مهمة، ما أدى إلى تدهور الخدمات والإمدادات في المناطق الأكثر تضرراً. كما أن تلك الممارسات قد وضعت المزيد من القيود على ارسال الأمم والوكالات الدولية المزيد من الأموال والموظفين الى مناطق الحوثيين، ومن المرجح أن يكون لذلك تداعيات جدية على الصعيد الإنساني والأمن الغذائي.



أما عن أسباب استمرار احتجازهم، فيُعتقد أن الحوثيين يرون في العاملين المدنيين أداة للضغط للحد من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن إدراج الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا للجماعة على قوائم الإرهاب، والذي تسبب بوضع المزيد من القيود على ارسال منح المساعدات الى البنوك الخاضعة لسيطرتهم، بالإضافة الى تفضيل عدد من المنظمات نقل مقار عملها من العاصمة صنعاء الى العاصمة المؤقتة (عدن) بعد قرار التصنيف.

 

إدانات واسعة وتأثير محدود



برغم المناشدات الدولية الواسعة، بقيت ردود الفعل الدولية ضعيفة وغير مؤثرة، بما في ذلك من الأمم المتحدة التي لديها بعض الموظفين المحتجزين، إذ يبدو أن الحوثيين يستغلون الوضع الدولي المعقد، معتقدين أن القوى العالمية تفضل عدم التصعيد معهم.

أن التراخي الدولي في الموقف تجاه الانتهاكات التي يمارسها الحوثيون بحق العاملين الإنسانيين ومنظمات المجتمع المدني في اليمن إلى عدة عوامل معقدة، ترتبط بالظروف السياسية العالمية والإقليمية. أولاً، يشير بعض المحللين إلى أن هناك تردداً دولياً في اتخاذ موقف حازم بسبب الانقسام في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، خاصة مع تقاطع المصالح الدولية والإقليمية بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، روسيا، والصين، مما يعيق التوصل إلى إجماع حول اتخاذ إجراءات صارمة تجاه الحوثيين.

ثانياً، يُعتقد أن الأمم المتحدة وبعض الدول الكبرى تتجنب التصعيد خشية أن يؤثر ذلك على مسار التفاوض السياسي للوصول إلى تسوية سلمية للصراع في اليمن. بالنظر إلى الجهود المستمرة لحل الأزمة اليمنية، يُخشى أن الضغط الزائد على الحوثيين قد يدفعهم إلى اتخاذ موقف أكثر تصلباً، وبالتالي يعقد الحلول السياسية، خصوصاً وأن الحوثيين هم طرف أساسي في أي مفاوضات مستقبلية.



ثالثاً، تلعب بعض الدول دوراً متحفظاً في الضغط على الحوثيين، وذلك في سياق الاعتبارات الإنسانية، إذ تعتمد هذه الدول بشكل كبير على المنظمات العاملة داخل اليمن لتوفير المساعدات. ويعتقد أن اتخاذ موقف صارم قد يؤدي إلى تعطيل المساعدات الإنسانية في اليمن، مما يضع المجتمع الدولي أمام معضلة أخلاقية وإنسانية حول تقديم الإغاثة أو المخاطرة بمضاعفات الأزمة الإنسانية.



إضافة إلى ذلك، يُعزى التراخي الدولي إلى تصاعد القضايا الجيوسياسية الأخرى التي تشغل المجتمع الدولي، مثل النزاعات في الشرق الأوسط وأزمة أوكرانيا، مما يضع الأزمة اليمنية وأوضاع العاملين في المجتمع المدني في مرتبة أقل من الأولوية.


[1] اليمن: على الحوثيين الإفراج فورًا عن موظفي المجتمع المدني والأمم المتحدة، يونيو 13, 2024، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، https://cihrs.org/yemen-houthis-must-immediately-release-civil-society-and-un-staff-members/