آخر التطورات
عد الى الخلفالعراق: احتجاجات الخدمات وفرص العمل، قضايا مستمرة
العراق: احتجاجات الخدمات وفرص العمل، قضايا مستمرة
إن تزايد تردِّي
الوضع الخدمي والاقتصادي في ظل الحكومة الحالية، لا يتناسب مع حجم ما يتم تداوله
اعلامياً، اذ نجحت الحكومة في بناء (جيوش الكترونية) ساهمت بلفت انتباه الرأي
العام الى مشاريع فك الاختناقات المرورية في العاصمة، وسرعة الانجاز فيها، واعلان
البدء بطريق التنمية وخط نقل النفط الجديد، بما ساهم في التغطية على النزر اليسير مما
كانت تتناوله وسائل الاعلام من أخبار حول الاحتجاجات بسبب الفشل في تطبيق المنهاج
الحكومي، بطريقة لا توحي بحجم الاحتجاجات على أرض الواقع والتي قامت في محافظات
الديوانية وبابل وذي قار وواسط والبصرة والمثنى ومناطق شرق العاصمة.
وكانت الاحتجاجات قد بدأت في محافظة الديوانية وتبعتها
مدن أخرى، حيث تُعد من أكثر المدن فقراً في البلاد ولم تنفع الموازنات الضخمة
المرصودة طيلة السنوات السابقة في أن تترك أثراً على الواقع الخدمي والصحي
والاجتماعي فيها، حيث تتصدَّر المدن في مستوى الفساد، وسوء الظروف المعاشية والصحية.
وفقاً لتقرير صادر عن مديرية الإحصاء، تبلغ نسبة البطالة في هذه المحافظة (35%)، أمَّا
نسبة الفقر فتبلغ (47%) فهي ثاني أفقر المحافظات بعد المثنى.
دفع الوضع العام في البلد عدد من الاقضية المنكوبة الى
الدعوة للتظاهر مع ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق والتي تجاوزت حدود (50) درجة
مئوية، مع انخفاض عدد ساعات التجهيز للطاقة الكهربائية الى أقل مستوياتها حيث لم
تتجاوز ثماني ساعات يوميا، ممَّا دفع الناشطين المدنيين للدعوة الى تظاهرات
احتجاجية في (أقضية وبلديات) عدة (البدير والمهناوية والشنافية) خرج المحتجون فيها
للتنديد بتردِّي الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي والماء لساعات طويلة وكانت
مطالبهم لا تتعدى توفير الحد الادنى منها، مع فرص العمل للعاطلين، حيث تسببت هذه
المشكلات في تردي أوضاع المواطنين. فانقطاع الماء على
سبيل المثال، اثرَّ بشكل كبير على العاملين في مجالي الانتاج الزراعي والحيواني، والذين
اصيبوا بخسارات متتالية طيلة الأعوام الماضية، مما أدِّى الى ازدياد معدلات الهجرة
الى مراكز المدن.
المساءلة عن
تردِّي الخدمات
مع ازدياد الاحتجاجات رفعت شعارات اقالة (القائمقام) لفشله في ادارة الملف الخدمي، حيث
يشغل المنصب منذ عشرين عاماً، دون ان يتم تغييره او استبداله، وشمل الاحتجاج
تصعيدا تمثل بقطع الطرق والاصطدام مع القوات الامنية التي منعتهم من التجمهر بحجة
عدم وجود ترخيص للتظاهر، خوفاً من حصول خرق أمني، وهي الحجة التي تستند عليها
السلطات دائما كمبِّرر للرفض، في مناطق وسط وجنوب البلاد بينما تعمد الى رفض الفوري
لأي طلب يُقدم اليها من المناطق الغربية دون النظر فيه، بحجة الخوف من ردة فعل
خلايا التنظيمات الارهابية النائمة، وتكرَِّرت التظاهرات خلال فترة تزيد عن عشرة أيام،
دون ان يتم الاستجابة اليها ولم تتوقف الا بعد قيام الحكومة بإيفاد ممثل رسمي عنها
لاستلام مطالب المحتجين.
الاحتجاجات للمطالبة بفرص العمل
وعلى صعيد آخر لاتزال
الاحتجاجات الخاصة بتوفير فرص العمل تتوزع على أكثر من
محافظة، حيث تشهد احتجاجات يومية واعتصامات ومسيرات اسبوعية يقوم بها خريجي
الجامعات واصحاب الشهادات العليا، للمطالبة بتوفير فرص عمل في القطاع الحكومي وفاء
للوعود التي اطلقت قبل الانتخابات المحلية، بتوفير فرص لهم بمجرد تشكيل المجالس
المحلية، لكن الوضع الاقتصادي السيء، والتضخم في الكادر الحكومي وصل الى قرابة
(4.5) أربعة ملايين ونصف مليون موظف، مما يحول دون إمكانية حقيقية لاستيعاب
الاعداد الكبيرة من الخريجين سنوياً والتي تبلغ حسب الجهاز المركزي للإحصاء اكثر
من (180)الف متخرج في الدراسات الجامعية الاولية والعليا، يُضاف اليها الشهادات
العليا من الخارج والتي تبلغ وفقا لتصريح احد اعضاء اللجنة النيابية المعنية
بالتعليم قرابة (100) الف طالب، أدِّى لارتفاع معدلات البطالة لمستويات غير
مسبوقة، فيما لا توجد على ارض الواقع اي جهود لتفعيل القطاع الخاص، بشكل حقيقي
لاستيعاب اعداد المؤهلين لسوق العمل، اذا كان عدد المشمولين بالضمان الاجتماعي
للعمال (321361) وفق احصاءات جهاز الاحصاء المركزي للعام 2022، بينما بلغ العدد
(360000) ثلاث مائة وستون الف في تصريح رسمي لوزير العمل في حديث متلفز قبل شهر من
تاريخ تقريرنا، أي إن نسبة الارتفاع في عدد العمال لا ترتقي الى المستوى المطلوب
رغم تعديل قانون العمل في اغسطس 2023، والذي تضمن امكانية شمول العامل لنفسه
بالضمان الخاص بالعاملين في القطاع غير الحكومي بمجرد تقديم طلب ودفع الحصص الشهرية،
مما سيساهم في امتصاص زخم البطالة المتزايدة، لكن القانون لحد الآن دون تنفيذ لعدم
إصدار التعليمات الخاصة بتنفيذه رغم مضي اكثر من ستة أشهر على وجوب وضعه موضع
التنفيذ .