آخر التطورات
عد الى الخلفالاردن: حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ترتقي سلّم أولويات "المجتمع المدني"
الاردن: حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ترتقي سلّم أولويات "المجتمع
المدني"
يواجه
الأشخاص ذوو الإعاقة جملة تحديات ترتبط بعدم توفير بيئة مهيأة، وصعوبة الوصول إلى
الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل اللائق. وهم الأكثر تضررا من الأزمات والكوارث
والنزاعات.
وإلى جانب
التمييز المبني على أساس الإعاقة، يتعرض الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة إلى التهميش
نتيجة عرقهم أو جنسهم أو وضعهم الاقتصادي، وتحُدُّ العوائق الاجتماعية من فرص
اندماجهم في مجالات الحياة المختلقة.
اتفاقية حقوق
الأشخاص ذوي الإعاقة، المعروفة أيضا بـ"اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص
ذوي الإعاقة" (UNCRPD)،
تبنت منظورا اجتماعيا يؤكد أهمية تحقيق التكافؤ والمشاركة الكاملة للأشخاص ذوي
الإعاقة في المجتمع. ينطلق هذا المنظور من نهج أن الإعاقة ليست ناتجة عن قدرات
فردية محدودة، وإنما هي نتيجة للتحديات والحواجز التي يواجهها الأفراد في بيئتهم
ومجتمعهم.
خلال السنوات
الأخيرة شهدت تشريعات تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن تطوراً ملموساً حيال مواءمة
القوانين المحلية مع الالتزامات الدولية التي تشجع إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة وتحسِّن
ظروف حياتهم.
ومع ذلك، ما
تزال هذه التشريعات لا تنعكس بما يكفي على أرض الواقع. تدل المؤشرات على وجود ضعف
في انخراط الطلاب ذوي الإعاقة في النظام التعليمي، ويشكل عدم إدماج الأفراد ذوي
الإعاقة في المجتمع تحدياً كبيرا، حيث يمكن أن ينعكس على تنافسهم في سوق العمل، وقد
يجدون أنفسهم عالقين في دائرة الفقر.
يظهر التقصير
في الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية للأشخاص ذوي الإعاقة، نتيجة للتحديات
الهيكلية والبيئية، ما يعيق قدرتهم على التنقل والوصول إلى المرافق الطبية بسهولة،
إلى جانب ضعف الاستجابة لمتطلباتهم الصحية بصورة كافية، ما يعرض حياتهم للخطر.
أصبح جلياً التحيز
والتمييز تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل، نتيجة للتصورات السلبية
والافتراضات الخاطئة حيال قدرتهم على أداء المهام. بينما يكمن العائق الحقيقي بعدم
توافر الترتيبات التيسيرية المعقولة، وإمكان الوصول، إلى جانب عدم إدراك أصحاب
العمل القيمة الاقتصادية لعمل الأشخاص ذوي الإعاقة.
يُجسد احترام
حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيزها تأكيداً على رغبة المجتمع في تعزيز قيم العدالة
والتنوع. ويعكس هذا الالتزام دورا مهماً لمنظمات المجتمع المدني التي نشطت بشكل
فعّال على مر السنوات الماضية في الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
تشير
المساهمات الطويلة والمستمرة لتلك المنظمات إلى الدور الحيوي الذي يمكن أن يلعبه
المجتمع المدني في تحقيق التغيير الإيجابي في هذا السياق. إذ تتطلب حقوق الأشخاص ذوي
الإعاقة الاهتمام والتفاني لضمان مشاركتهم الشاملة في مختلف جوانب الحياة، بدءاً
من التعليم ووصولاً إلى العمل اللائق.
والدور الذي
يلعبه المجتمع المدني في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال تنفيذ مشاريع
ومبادرات موجهة نحو توفير فرص العمل والتدريب المهني، لا يُمكن تجاهله. يعكس هذا
الجهد البارز التزاما قويا بتحقيق التكافؤ والمشاركة الحقيقية للأشخاص ذوي الإعاقة
في الحياة المهنية، ويشير إلى التصدي للعقبات التي قد تحول دون اندماجهم الفعّال
في سوق العمل.
تسعى منظمات
المجتمع المدني إلى تغيير النماذج الثقافية والاجتماعية التي تقوم على التمييز، من
خلال تحقيق تغيير في القيم والاتجاهات المتعلقة بالإعاقة. تتضمن هذه الجهود تنظيم
حملات التوعية وإعداد المواد التثقيفية والتفاعل مع وسائل الإعلام لتشجيع التفكير
الإيجابي وتحفيز التغيير في الثقافة المؤسسية.
كما تقوم هذه
المنظمات بدور رئيس في رصد التقدم والعقبات في تطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي
الإعاقة، من خلال مراقبة التنفيذ على الصعيدين الوطني والدولي. وتعزز التواصل مع الحكومة
والهيئات الرسمية لضمان المشاركة الفعّالة للأشخاص ذوي الإعاقة في صياغة السياسات وتنفيذها.
تقدم منظمات
المجتمع المدني دعماً إضافياً للأشخاص ذوي الإعاقة لبناء قدراتهم في المناصرة وكسب
التأييد لقضاياهم، من خلال توفير التدريب الذي يرتكز على تطوير المهارات ذات الصلة،
مثل التواصل الفعّال والتنظيم الاجتماعي والتشبيك مع أصحاب المصلحة وتقديم الدعم
اللوجستي والاستشارات لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من التعبير عن احتياجاتهم
وتطلعاتهم بشكل فعّال.
تأتي مشاريع
المجتمع المدني بأشكال متعددة، تتضمن تقديم برامج تدريبية متخصصة لتطوير مهارات
الأشخاص ذوي الإعاقة وتأهيلهم لسوق العمل. كما تركز هذه المشاريع على إيجاد فرص
عمل ملائمة وتشجع الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص على التعاون لتطوير بيئة عمل
شمولية.
وجهود
المجتمع المدني في التعاون مع الحكومة والمؤسسات الرسمية، مثل المجلس الأعلى
للأشخاص ذوي الإعاقة، أمر حيوي وضروري لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. يعكس هذا
التعاون الإرادة المشتركة للعمل نحو بناء مجتمع يتسم بالتكافؤ والفرص المتساوية
للجميع، بما في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة.
إذ يُحقق
اتحاد المجتمع المدني مع الحكومة والهيئات الرسمية تبادلاً فعّالاً للأفكار
والخبرات، مما يسهم في تعزيز التشريعات وتطوير سياسات داعمة للأشخاص ذوي الإعاقة.
يمكن لهذا التعاون أن يتيح لمنظمات المجتمع المدني فهماً أعمق لاحتياجات الأشخاص
ذوي الإعاقة والتحديات أمامهم، وبالتالي بناء حلول فعّالة لضمان حقوقهم ومشاركتهم
في جميع نواحي الحياة.
من الضروري
أيضاً، زيادة المخصصات المالية من قبل الحكومة لبرامج دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، مع
التركيز على دور المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في هذا السياق. يعزز
التمويل الإضافي قدرة الحكومة على تقديم الخدمات والدعم اللازم لتحسين جودة حياة
الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتعمل منظمات
المجتمع المدني بشكل وثيق مع الجهات الدولية، مثل منظمة العمل الدولية، من خلال
عقد اتفاقيات تنفيذ مشاريع مشتركة تهدف إلى تحسين ظروف الأشخاص ذوي الإعاقة، عبر تطوير
دراسات وأدلة عمل تعتمد على البحوث والتحليلات الدقيقة التي تعزز فهما أعمق
للتحديات التي يواجهونها، وتحسين مهارات أصحاب المصلحة في تطوير الخدمات المقدمة لهم.
ما يوفر أساساً قوياً لوضع سياسات وبرامج فعّالة.
تكمن أهمية الدعم
النفسي والاجتماعي الذي يقدمه المجتمع المدني للأشخاص ذوي الإعاقة في تخفيف العبء
الذي قد ينجم عن التحديات والصعوبات التي يواجهونها. حيث يتعرضون لتحديات نفسية
متعددة نتيجة للتمييز الذي قد يواجهونه في المجتمع، فضلاً عن صعوبات التكيف مع
بيئتهم والتحديات اليومية التي قد تكون أكثر تعقيداً بالنسبة لهم.
وتشكل المبادرات
التي تقدمها منظمات المجتمع المدني في مجال الدعم النفسي أهمية خاصة، حيث تهدف إلى
تعزيز الصحة النفسية للأشخاص ذوي الإعاقة. يشمل ذلك توفير فضاءات آمنة وداعمة
للتحدث عن التجارب والتحديات الشخصية، وتقديم خدمات الاستشارة والدعم النفسي
لمساعدتهم في تجاوز الضغوط النفسية وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية
والثقافية.
ولا يمكن
إغفال أهمية تشجيع القطاع الخاص من خلال منح حوافز ضريبية وامتيازات لدعم تشغيل
الأشخاص ذوي الإعاقة، مع تأكيد أهمية الاطلاع على الممارسات الفضلى حول العالم في
سياق حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ما يقود إلى بناء مجتمع شامل وعادل يحترم
حقوق جميع أفراده بدون تمييز.