الفضاء المدني في المنطقة العربية

يسعى هذا المرصد إلى تغطية أخبار الفضاء المدني في المنطقة العربية وتحليلها ومواكبة المجتمع المدني بكافة تحدياته وانتقالاته
مصر: استمرارر التفاعل مع الحرب على غزة العراق:انكفاء الحيز المدني نتيجة لممارسات وضغوط السلطة المغرب: استمرارية الاحتجاجات المطلبية فلسطين: فضاء مكبوت السودان: استمرار تدهور الأوضاع الجزائر: تعديل جديد لقانون العقوبات الجزائر: تأييد الحكم بالسجن ضد الصحفي بن جامع و عريضة تطالب بالعفو عن الصحفي إحسان القاضي مصر: العودة لاستهداف المعارضة العراق: عطايا السلطة هي من ترسم حدود حرية التعبير المغرب: تطورات على الساحة السياسية والاجتماعية الفضاء المدني الفلسطيني بين مطرقة العدوان الاسرائيلي وسندان التمويل الدولي المشروط السودان: حالة الفضاء المدني اليمن: الحق في التكوين - اتساع الفجوة بين النص والممارسة الجزائر : خبيرة دولية تحذر من تقييد الفضاء المدني البحرين: استمرار تقييد العمل المدني العراق :نهاية عام من تراجع بيئة الحريات الاردن: حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ترتقي سلّم أولويات "المجتمع المدني" آخر شهر من السنة: على إيقاع الازمات الاجتماعية. السودان: تدهور الاحوال الامنية والانسانية فلسطين: استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة للشهر الثالث
آخر التطورات
عد الى الخلف
الأردن: دور المجتمع المدني في توفير الحماية لكبار لاسن
May 26, 2023

وفي ظل غياب الأطر القانونية الدولية والوطنية فيما يتعلق بحقوق كبار السن، يظهر دور منظمات المجتمع المدني التي تعتبر عنصرا هاماً  وأساسيا في توفير شبكات الحماية الاجتماعية بإدماج كبار السن بأنشطة كسب العيش بهدف تعزيز وعيهم بأهمية المشاركة الاقتصادية، وحمايتهم من العنف الاقتصادي، وتخفيف التحديات التي تواجههم، حيث تتنوع استجاباتهم لتحقيق الحماية الاقتصادية والاجتماعية للمسنين بتقديم المساعدات المالية لهم، وتوفير بعض المشروعات التنموية التي تتناسب وقدراتهم، بالإضافة الى دور بعض المؤسسات في توفير مساعدات شهرية للفقراء منهم وخصوصا المسنات لتأمينهم من مشاكل الفقر والتعـرض للمخـاطر والإقصاء الاجتماعي أو الوقايـة منهـا أو التخفيـف مـن حـدتها، وتقديم الرعاية والمساعدات الصحية نظرا لان ما يزيد المشكلات الاقتصادية عند كبار السن هو عبء العلاج والدواء "فما إن تطرق الشيخوخة باب الفرد حتى يصبح ترددهم على الأطباء متزايدا".

تعتبر مرحلة الشيخوخة طوراً من أطوار الحياة، حيث يتغيّر فيها الانسان تغيراً يمتد الى الجوانب (الفسيولوجية، والعقلية، والاجتماعية، والانفعالية)، وهي مرحلة عمرية كثيرة التعقيدات حيث تحتاج ابتداءً الى رعايةٍ صحيةٍ خاصةٍ، نتيجة إصابة كبار السن بأمراض الشيخوخة، وإصابتهم بالوهن والضعف الجسماني الذي يتطلب توفير خدمات الرعاية التمريضية والمنزلية وتقديم الدعم المادي لهم، بما يضمن إدماجهم في المجتمع وعدم التخلي عن خبراتهم، ناهيك عن المشكلات النفسية كتولد الأفكار حول نهاية الحياة، واقتراب موعد الموت.

وتعد التغيرات الاقتصادية المرتبطة بكبار السن من أهم وأصعب التغيرات التي تواجههم خاصة في ظل الاحتياجات المتزايدة التي تتطلبها هذه المرحلة والتي يعد إشباعها أمرا أكثر من ضروري، وغالبا ما يكون التقاعد أو ترك العمل هو أول تحول رئيسي يواجه المسن، والذي تختلف آثاره على الصحة البدنية والنفسية من شخص لآخر، وذلك بحسب موقف المُسن من التقاعد وسببه.

ويواجه حوالي ثلث المُتقاعدين او الذين تركوا أعمالهم صعوبة في التكيف مع جوانب معينة من حياتهم، مثل انخفاض الدخل، وتراجع الدور الذي يمارسونه في المجتمع، والاستحقاقات الاجتماعية، فيفقد المتقاعد جزء ليس بالقليل من دخله كما تتزايد الأعباء المادية وتظهر الحاجة الى الرعاية الصحية وتنخفض المقدرة على الكسب ومن ثم يعجز المسن عن مواجهة النفقات في ظل عدم توفر مصادر مالية متنوعة، والتي تتمثل بشكل أساسي في التقاعد ومساعدات الأبناء والأقارب، هذا بالإضافة الى الممتلكات إن وجدت.

وأشار المجلس الوطني لشؤون الأسرة ان مظلة التقاعد الوطنية الشاملة لكافة كبار السن في الاردن الذين يستلمون رواتب تقاعدية (ضمان اجتماعي وتقاعد مدني وعسكري حكومي) قد بلغت ما نسبته (54.1%) حتى نهاية عام 2015، إلا أن نسبة التغطية سجلت تراجعا بسبب ارتفاع أعداد كبار السن غير الخاضعين للأنظمة التقاعدية، إذ تبلغ نسبة كبار السن غير المستفيدين من الأنظمة التقاعدية حوالي (45.9%).

لكن ذات الإحصائيات تبين أن نسبة (66%) من كبار السن الاردنيين الحاصلين على رواتب تقاعدية هم تحت خط الفقر؛ وهذا يعني أن الراتب التقاعدي لا يوفر الحماية الكافية لكبار السن خاصة إذا ما أخذنا بالحسبان حاجتهم للرعاية الصحية المنزلية والعلاج والأدوية المزمنة ناهيك عن ارتفاع كلف دور إيواء المسنين وعدم كفاية النفقات التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية لهذه الدور؛ نظرا لضعف المخصص السنوي في الموازنة العامة للدولة.

وتبرز المسئولية الاجتماعية للمجتمع المدني في السعي لتطوير قدرات المسنين واشباع احتياجاتهم الأساسية والذين عجزت الحكومة عن اشباعها، حيث تمتاز أوجه الدعم بكونها أكثر فعالية من حيث سرعة تكيفها مع المتغيرات وقدرتها على التعبئة الشعبية، كونها خرجت من رحم المجتمعات المحلية وأكثر اطلاعاً على حاجاتها ومتطلباتها، كذلك ببعدها عن البيروقراطية الحكومية وإجراءاتها التي تحد من فعاليتها في توفير الخدمات اللازمة وتعزز من الحس المدني وأثرها الإيجابي على أوجه التلاحم الاجتماعي، والتقليل من الانسحاب الاجتماعي الذي يشعر به المسن لإحساسه بأن الواقع الذي يعيشه لا يمت بصلة لواقعه الشخصي، فالحياة بالنسبة اليه قد تغيرت، وأصبحت الأمور غير مألوفة، وقد ينشغل بأمور الآخرة، وقضايا الموت، وبالتالي يزهد في الدنيا ويرى في العزلة الاجتماعية ملاذًا له.

ولعل طرح فكرة العمال الاستشاريون على أساس الاستفادة من خبرة ذوي الخبرة الطويلة في مجال عملهم وتدعيمها في المشاريع أو إنشاء برلمان للمسنين ينبثق عنه لجان كاللجان الصحية، والقانونية والاجتماعية لها دور في تعزيز الصحة النفسية والعقلية لكبار السن بعد التقاعد.

ومن هنا يبرز دور منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص كشريك أساسي ومهم جنبا الى جنب مع الحكومة وأحد الأطراف الفاعلة في صنع القرار وأحد أطراف التنمية التي ترتبط بشكل أساسي باحتياجات تلك الفئة الاجتماعية الأكثر حرمانا، للحد من مخاطر الإجراءات الاقتصادية التي تقع على المسن وإشراكه في مختلف هيئات ومنظمات المجتمع المدني، وذلك لرسم السياسات التي تكون في صالحهم، الا أنه لا يزال هناك شوط طويل أمام الحكومة ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية لكبار السن لمساعدتهم في الحصول على شيخوخة أمنة وصحية.

 
مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية- الأردن