الفضاء المدني في المنطقة العربية

يسعى هذا المرصد إلى تغطية أخبار الفضاء المدني في المنطقة العربية وتحليلها ومواكبة المجتمع المدني بكافة تحدياته وانتقالاته
مصر: استمرارر التفاعل مع الحرب على غزة العراق:انكفاء الحيز المدني نتيجة لممارسات وضغوط السلطة المغرب: استمرارية الاحتجاجات المطلبية فلسطين: فضاء مكبوت السودان: استمرار تدهور الأوضاع الجزائر: تعديل جديد لقانون العقوبات الجزائر: تأييد الحكم بالسجن ضد الصحفي بن جامع و عريضة تطالب بالعفو عن الصحفي إحسان القاضي مصر: العودة لاستهداف المعارضة العراق: عطايا السلطة هي من ترسم حدود حرية التعبير المغرب: تطورات على الساحة السياسية والاجتماعية الفضاء المدني الفلسطيني بين مطرقة العدوان الاسرائيلي وسندان التمويل الدولي المشروط السودان: حالة الفضاء المدني اليمن: الحق في التكوين - اتساع الفجوة بين النص والممارسة الجزائر : خبيرة دولية تحذر من تقييد الفضاء المدني البحرين: استمرار تقييد العمل المدني العراق :نهاية عام من تراجع بيئة الحريات الاردن: حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ترتقي سلّم أولويات "المجتمع المدني" آخر شهر من السنة: على إيقاع الازمات الاجتماعية. السودان: تدهور الاحوال الامنية والانسانية فلسطين: استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة للشهر الثالث
آخر التطورات
عد الى الخلف
الأردن: بين سطوة الواقع وجهود منظمات المجتمع المدني
Mar 25, 2023

تطرح مجمل التقارير والدراسات التي تتناول التنمية البشرية في تمكين المرأة في الأردن وجهة النظر القائمة على ان المرأة تخضع لظروف اجتماعية وثقافية واقتصادية مختلفة عن الرجل، كما تواجه عقبات خاصة تحول دون تمتّعها بذات الحقوق التي يتمتع بها الرجل على قدم المساواة، ونتيجة لذلك بات من الضروري تحييد تلك الصعوبات التي تخلق تلك الحالة من عدم المساواة بينهما في جميع مناحي الحياة.

وبالنظر الى واقعنا اليوم نجد ان المرأة ظُلمت في المجتمع وصنفت كجنس من الدرجة الثانية، مما أدى الى نوع من التردي لمكانتها، وبسبب الاختلاف ما بين الماضي والحاضر، وما خلق هذا الحاضر من دلالات ومعاني مستحدثة في الصور النمطية المتعلقة بالمرأة، وما أفرزه أيضا هذا العصر من حاجات مستجدة بسبب نمط الحياة المعاصرة، نجد العديد من الظواهر السلبيّة التي تمّ تأنيثها كظاهرة الفقر، والتي تعد بطالة النساء سبب فيها.

ويلاحظ تدني نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل والتي بلغت (14%) عام 2022، كما يلاحظ التمييز بينها وبين الرجل في الترقيات والأجور بناء على الأدوار الاجتماعية بينهما، على الرغم من وجود تشريعات قانونية كالمادة (2) من قانون العمل الأردني رقم 8 لعام 1996 والتي تساوي بين الجنسين في الأجور، إلا أن تطبيقها لم يكن نافذا على أرض الواقع، لذلك نجد تفاوتا في الأجور قائما على الجنس وخصوصا في القطاع الخاص.

ناهيك عن عدم تكافؤ الفرص والتوزيع غير العادل للمنافع والموارد مما أدى إلى ضعف مشاركتها ونشاطها في مختلف القطاعات، على الرغم من وجود العديد من الاتفاقيات والصكوك الدولية المعنية بحقوق الإنسان بشكل عام وبحقوق المرأة بشكل خاص والتي وقع عليها الأردن كاتفاقية سيداو. إلا ان هذا الموضوع ما زال يعتريه التشويش وعدم وضوح الرؤى، فالأهداف ضائعة ومتضاربة والأولويات غائبة مما أدى الى إحداث خلل في المجتمع، فميلاد مفاهيم جديدة في المجتمع تحتاج الى بناء آلية فعّالة لحقوق الانسان والنهوض بحقوق المرأة كمبدأ مؤسس لمنظومة الحقوق التي يجب تكريسها.

وفي ظل تلك المؤشرات الهامة، تبرز أهمية منظمات المجتمع المدني التي تعد بديلا حيويا لاستكمال جهود الدولة في تقديم بعض البرامج والخدمات لمساعدة المرأة وتحسين مستواها الاقتصادي، وباتت تُعد من أكثر الوسائل قدرة على تفعيل المشاركة الاجتماعية والاقتصادية للفئات المهمشة في المجتمع وعلى رأسها المرأة، حيث ساهمت في إزالة الكثير من صور التمييز ضدها من خلال تقديم تنمية حقيقية للمجتمع بشكل عام وللمرأة بشكل خاص، وتغيير بعض الصور النمطية كالتي تتعلق بالتحرش في أماكن العمل، ومطالبها المستمرة للمصادقة على اتفاقية رقم (190) بشأن مناهضة العنف والتحرش في العمل، ومحاولاتها توضيح القصور في السياسات المتعلقة بها كالمادة (29) منه المتعلقة بحالات الاعتداء من قبل صاحب العمل أو من يُمثله فقط.

ويظهر دور منظمات المجتمع المدني في دعم الحقوق العامة للمرأة من حيث عدم التمييز ضدها بأي شكل من أشكال التمييز القائم على الجنس، وتمتّعها بكافة الحقوق المدنية والسياسية التي يتمتع بها الرجل، وخصوصا الحق في العمل بوصفه حقا ثابتا لجميع البشر، وحصولها على فرص العمل وتهيئة ظروف ملائمة لها وتعزيز قدرتها الاقتصادية، بالإضافة الى اهتمامها الخاص بملف المرأة وتمكينها سياسيا باعتبارها همزة وصل بين السلطة السياسية والمواطنين، خاصة في ظل الثقافة التشاركية الجديدة التي أضحت تجمعها مع الحكومة والقطاع الخاص.

ولا يخفى أثر المطالبات الدولية المتزايدة لتمكين المرأة في الأردن، وأيضا الأثر المترتب على هذه الدعوات والمتمثل بزيادة الوعي والمطالبات الوطنية ونشاطات التنظيمات النسائية، حيث اعتمدت مؤسسات المجتمع المدني على أكثر من وسيلة لتحقيق أهدافها كالتنسيق المشترك والتحالفات أو الندوات والمؤتمرات.

كما سعت منظمات المجتمع المدني النسائية للمشاركة في حوار وطني حول قضايا المرأة لتعزيز دورها في الحياة العامة والتمكين الاقتصادي، حيث حاولت التحالفات بين المنظمات بجهود مختلفة تتعلق بتدريب المرأة وتأهيلها من خلال حملات خاصة بالانتخابات وورش خاصة بالمشاريع الصغيرة والثقافة المالية والانخراط في سوق العمل كحملة "شغلها بيحميها".

ولا يخفى على منظمات المجتمع المدني ما للإعلام من دور في التوعية والتثقيف وتشكيل الرأي العام حيث استخدمته للتعريف بحقوق المرأة وتشكيل رأي عام مساند لبعض قضاياها، فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية، تواصل مجموعات المجتمع المدني دعوة السلطات وصانعي السياسات لاتخاذ إجراءات لإنهاء زواج الأطفال والزواج المبكر والقسري، من خلال سد الثغرات القانونية التي تسمح للعائلات بالسعي للحصول على استثناءات من الحد الأدنى للسن المعلن.

وعليه، ان الدفع بمسيرة حقوق المرأة ضمن الاطار العام الذي يركز على خصوصية قضايا المرأة والتي برزت في الاستراتيجيات والخطط الوطنية؛ لهو من الأهمية ونحن نخطو بشكل متسارع في مواجهة التحديات وذلك بتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني لكي تدفع بقضايا المرأة الى مقدمة سلّم الأولويات، وإيجاد أطر عمل كقوة ضاغطة من أجل تحقيق مطالبها سواء من الناحية القانونية او الاجتماعية او الاقتصادية، والذي يتطلب منها نقدًا شُجاعًا للطرائق التي تمشي فيها المرأة والتي منذ  أكثر من خمسين عام لم توصلها الى مكانها المأمول في المجتمع، لتبصر آفاقًا وأبعادًا جديدةً من المقاصد التي غابت عن حياتها، ولتجعلها تؤمن أيضًا أنها صاحبة مشروع تنموي تستطيع المشاركة في المجتمع بأدوارٍ توازي أدوار الرجل ضمن نسق مدني منبثق من نظرته للإنسان بعيدا عن التمثلات الثقافية والاجتماعية التي لطالما أحاطت بها.