آخر التطورات
عد الى الخلفقانون الجمعيات.. ماذا بعد إرجاء تعديله؟
إعلان وزارة التنمية
الاجتماعية قبل نحو إسبوعين عن نيتها تأجيل إجراء تعديل
قانون الجمعيات التي فتحت ملفه قبل ستة أشهر، لا يوحي إلا بعدم وجود توافق على
مسودة التعديلات بين الأطراف ذات العلاقة من وعلى وجه الخصوص الحكومة ومؤسسات
المجتمع المدني.
وبررت الوزارة إرجاء تعديل القانون بأنه يحتاج إلى
المزيد من المشاورات والحوارات المجتمعية ودراسة آثار التعديلات على الجمعيات
ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين، بهدف إضافة نوعية في القانون من خلال
التعديلات الناجعة، وإيجاد توافق اجتماعي.
غير أن هذا التأجيل يزيد من قلق المجتمع المدني، خصوصا
بعد التوصيات التي قدموها للوزارة والتي تصب في صالح تحسين البيئة القانونية
الناظمة لعمل المجتمع المدني، وتُخفف من القيود التي يفرضها القانون الحالي على
حرية واستقلالية عمل الجمعيات، وتتوائم مع المواثيق الدولية ذات العلاقة.
جاء هذا القرار بعد سلسلة طويلة من المشاورات بين
الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، بمختلف أنواعها وأماكن عملها، حيث قدمت هيئة
تنسيق مؤسسات المجتمع المدني "همم" مجموعة متكاملة لتحسين القانون، تم
تضمين جانب منها في المسودة التي توافقت عليها اللجنة الفنية المشكلة لمراجعة
القانون.
وتفيد معلومات أن بعض مراكز الدولة العميقة لم توافق
على ما جاء في بعض هذه التوافقات، وخاصة تلك المتعلقة بحل الجمعيات، وتعزيز
استقلاليتها، ما دفع الحكومة الى اغلاق ملف التعديلات في الوقت الراهن.
ومما يذكر أن منظمات المجتمع المدني تواجه قيودا
متنوعة، تبدأ من التسجيل حيث ما زال يعتمد نظام الترخيص بدل التسجيل، بمعنى الحصول
على موافقات حكومية مسبقة على تأسيس الجمعيات، إضافة إلى اعتماد مبدأ الرقابة
القبلية على عمل الجمعيات، واشتراط الحصول على موافقات حكومية مسبقة للحصول على
تمويل أجنبي، الأمر الذي يتنافى مع مبدأ حرية واستقلالية عمل الجمعيات.
كذلك منح القانون المعمول به مجلس إدارة سجل الجمعيات صلاحية
تحديد الوزارة المختصة بعمل الجمعيات، لتتولى الإشراف على الجمعية ومتابعة شؤونها
وفق التعليمات الصادرة لهذه الغاية.
واشترط القانون المعمول به على العضو المؤسس لأي جمعية
بأن يكون أردني الجنسية، والحصول على موافقة مجلس الوزراء إذا كان بين الأعضاء
المؤسسين للجمعية شخص غير أردني، ما يعتبر مخالفة للمواثيق الدولية والمصادق عليها
من قبل الحكومة الأردنية التي منحت حق تأسيس الجمعيات "لكل فرد"، ولم
تُحدد الجنسية.
وتوسعت عمليات الرقابة على عمل منظمات المجتمع المدني،
حيث تقوم الحكومة بتعيين جهة رسمية اشرافية على تفاصيل تنفيذ المشاريع الممولة من
الخارج الموافق عليها، مما يعرقل عمل الجمعيات في تنفيذ عملها بحرية. هذا الى جانب
رفض الحكومة لبعض المشاريع خلال الأشهر القليلة الماضية بحجج غير مقنعة.
ونافلة القول، إن تأجيل تعديل القانون يُربك إلى حد ما
المجتمع المدني، خاصة وأن هناك مواد أخرى في القانون غير التي تم ذكرها أعلاه
تُقيد عمل الجمعيات ونشاطاتهاـ وستبقى عملية تعديل قانون الجمعيات باتجاه مزيد من
الحرية والاستقلالية، واستنادا الى المعايير الدولية للحق في التنظيم، على جدول
أعمال منظمات المجتمع المدني الحقوقية.