آخر التطورات
عد الى الخلفالأردن: المجتمع المدني, مُحرك لتعزيز مسار الاقتصاد الأخضر
مركز الفينيق للدراسات
يواجه العالم
العديد من التحديات في ظل ما تفرضه التغيرات المناخية وتفاقم غياب المساواة
الاقتصادية وضعف ديناميات توليد فرص العمل العادلة والمنصفة. وقد أثر ذلك سلبا على
الوصول إلى فرص العمل اللائق وتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة.
كان لابد من
الانتقال نحو اقتصادات أكثر مرونة تستجيب للتغيرات المناخية، للاستفادة من النظم الطبيعية على نَحو مستدام،
وبخاصة تلك المعرّضة للنفاد أو الجفاف في أي وقت، لتحسين رفاهية الإنسان وتحقيق
المساواة الاجتماعية، وتوليد فرص عمل مرنة للظروف المناخية والاقتصادية.
يعتبر
الاقتصاد الأخضر فاعلا رئيسا في تحقيق الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للتنمية
المستدامة، من خلال توفيره فرص عمل تراعي هذه الأبعاد في عدة قطاعات كالطاقة
المتجددة والنقل وإعادة تدوير النفايات والزراعة وغيرها، ما يسهم في محاربة الفقر
والجوع ويحافظ على البيئة في الوقت نفسه.
يمكن تعريف
الاقتصاد الأخضر بأنه "مجموعة من الأنشطة الاقتصادية التي ترتبط بإنتاج
وتوزيع واستهلاك البضائع والخدمات التي تهدف على المدى الطويل إلى تحسين رفاه
الإنسان بدون التعرّض لحق الأجيال القادمة بتوفر الموارد ومواجهة المخاطر البيئية".
تُعد عملية التوعية والتثقيف جزءاً
أساسياً من الجهود المبذولة من منظمات المجتمع المدني لتعزيز الاقتصاد الأخضر لأنه
مفهوم حديث نسبياً، ويعكس هذا التوجه الحاجة إلى توعية الأفراد والمؤسسات بمكاسب
التحول إلى الوظائف الخضراء والممارسات المستدامة بيئياً.
باتت احتياجات
قطاعات العمل وميادينه نامية ومتغيرة على نحو مستمر. حيث غالباً ما يتطلب العمل في
الاقتصاد الأخضر مهارات متخصصة في مجالات مثل التكنولوجيا البيئية والطاقة
المتجددة وغيرها، ويمكن أن يتمثل نقص المهارات كعقبة أمام الأفراد الذين يبحثون عن
وظائف في مسارات الاقتصاد الأخضر الآخذة في التوسع.
في هذا السياق، تدعم منظمات المجتمع المدني الابتكار في مجالات الطاقة
المتجددة وإعادة تدوير النفايات والتكنولوجيا البيئية وغيرها، من خلال جذب التمويل
المالي والفني للمشاريع البيئية المبتكرة، وكثيرا ما تتبنى منظمات المجتمع المدني
مبادرات وبرامج تدريب متخصصة تلبّي الاحتياجات في هذا النوع من العمل.
على نحو متصل،
تصدر بعض منظمات المجتمع المدني ذات الخبرة، تقارير ظل ودراسات حول مدى تقدم
الحكومة والقطاع الخاص نحو تعزيز الوظائف الخضراء، وتأثير الممارسات غير المستدامة
على مسار الاقتصاد الأخضر، وتطرح هذه المنظمات سياسات بديلة في هذا السياق.
وتعمل منظمات المجتمع المدني على إنشاء مشاريع استثمارية صغيرة (مطابخ
إنتاجية)، تتمثل بالمنتجات المحلية التراثية من خلال تدوير بعض المواد ومن ثم
بيعها للسياح، كخطوة إيجابية نحو تشجيع العمل في السياحة
البيئية، إلى جانب تقديم خدمات الأطعمة الشعبية والتقليدية، وخدمات الإيواء
السياحي، المتمثلة بالأكواخ والمخيمات والمنتجعات.
كما تسعى هذه
المنظمات إلى تعزيز نماذج الزراعة التي تستند إلى الممارسات العضوية، من خلال توجيه
الاهتمام نحو الطرق المستدامة لزراعة الطعام، مثل استخدام تقنيات الزراعة بدون
مبيدات كيماوية ضارة، وتقنيات الزراعة الحديثة مثل الزراعة المائية. وتقدم التدريب
والدعم للمزارعين المحليين لتبني هذه الأساليب، إلى جانب طرق تحسين فعالية الإنتاج
والتسويق.
على مدى
السنوات الماضية، بذلت منظمات المجتمع المدني جهوداً نحو تقديم التدريب والتثقيف للمجتمع المحلي حول الأساليب
الفعالة في إدارة النفايات، وتشجيع مبادرات إعادة التدوير، وكان لها دور في إطلاق
العديد من حملات كسب التأييد بهدف تحسين سياسات إدارة النفايات وإعادة تدويرها،
بما يشمل تشجيع تبني أساليب حديثة وصديقة للبيئة.
ويتطلب دفع عجلة الاقتصاد الأخضر مساعي متكاملة تشمل مختلف المكونات
الفاعلة في المجتمع. حيث من الضروري توفير التمويل لمنظمات المجتمع المدني من خلال
المنح والتبرعات من الحكومات والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص، لتحقيق تقدم في
مسارات الاقتصاد الأخضر.
ويمكن للخبراء في هذا
المجال تقديم المشورة الفنية للمنظمات في سياقات التخطيط الاستراتيجي وإدارة
المشاريع وتقييم الأثر البيئي، وتبني التكنولوجيا البيئة الحديثة، لضمان تنفيذ
مشاريعها بفعالية وكفاءة عالية.