التقارير الإقليمية
عد الى الخلفالفضاء المدني في البلدان العربية: مزيد من التشدّد والقمع، وتعزّز التلازم بين المدني والسياسي
تعتبر وضعية الفضاء المدني، وهامش الحرّية في
تأسيس وعمل منظّمات المجتمع المدني ومجمل الفاعلين المدنيين، من المعايير الأكثر
أهمية للديمقراطية في البلدان العربية. وتتأتى هذه الأهمية الخاصة من كون الأنظمة
العربية على تنوّعها لجهة الشكل والمؤسسات وآليّات العمل، تشترك في كونها نظم
غنائمية (نيوباتريمونية) حيث هامش الديمقراطية والحرّيات محدود، وحيث الاعتراف
بوجود مجتمع مدني يتمتّع باستقلالية نسبية ولكن محسوسة إزاء المجتمع السياسي وإزاء
السوق وقواعدها، يتراوح بين اعتراف ضيّق أو شكليّ، وبين إنكار الحق في التشكُّل المدني
المستقل. أضف الى ذلك أن الطابع الغنائمي (النيوباترمونيالي) لا يقتصر على السلطة
ومؤسّساتها، بل يمتد الى التشكّلات المجتمعية والثقافة السائدة. كما أن
أيديولوجيات السلطة والتيارات السياسية المختلفة، تلتقي مواقفها لتشكّل معاً قيداً
قوياً على حرّية التعبير والمعتقد والانتظام، وعلى فكرة المواطنة المدنية الحديثة.