واقع الفضاء المدني في الجزائر زمن الجائحة: إصرار الحراك الشعبي على التغيير الجذري وتمسك السلطة بالاستمرارية - 2020
المقدمة (الرجاء الضغط هنا لتحميل التقرير الكامل)
عادت مسيرات الحراك الشعبي في الجزائر يوم 22 شباط/ فبراير 2021 بعد توقفها في منتصف آذار/ مارس 2020 بسبب جائحة كورورنا، وهي العودة التي تعطي مؤشرات عديدة، إلى أن كل مسار السلطة، منذ إبعاد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم في 02 نيسان/أفريل 2019، لم يستطع إقناع المجتمع بأن السلطة تسير نحو تغيير طبيعة ممارستها في الجزائر.
وعشيّة الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي، أَعلن "مجلس الأُمّة" (وهو الغرفة الثانية التي بقيت في البرلمان، بعد قرار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون حلّ "المجلس الشعبي الوطني")، عن عقد جلسةٍ في الرابع والعشرين مِن شباط/فبراير الماضي، لتثبيت صالح قوجيل، البالغ مِن العمر تسعين عاماً، رئيساً له، بعد قرابة سنتَين من شغله المنصب بالنيابة.
صورة عودة مسيرات الحراك الشعبي إلى الشارع، وتثبيت الرجل الثاني في الدولة، يؤشران إلى أن منظومة الحكم ترفض التغيير، بعد مرور أكثر من سنتين على بداية الحراك الشعبي، بالرغم من الضغط الشعبي المتواصل، والمخاطر التي تحملها كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي تنذر بتعقد المشاكل، واحتمالات دخول البلاد، على المديين القصير والمتوسط، في اضطرابات اجتماعية مقلقة.
تجاوزت السلطة في الجزائر مسألة شغور منصب الرئيس، بعد فرض الرئيس عبد المجيد تبون في قصر الرئاسة في 12 كانون الأول/ديسمبر 2019، في انتخابات شهدت مشاركةً ضعيفة، لم تتجاوز نسبتُها 39.38 بالمئة، حسب الأرقام الرسمية. لكن هذا التجاوز لم يكن حلاً للأزمة. وهي منذ ذلك الوقت تحاول التسويق لمشروع "الجزائر الجديدة" على لسان عبد المجيد تبّون، وهو مشروع يظهر جلياً أنه لم يقنع الحراك الشعبي، ولم يستطع حتى تجنيد من تقول السلطة إنهم صوتوا لمصلحة خليفة بوتفليقة.
وبالرغم من أنَّ السلطةَ استغلّت جائحة كورونا، التي فرضت إغلاقاً تامّاً، واستفادت من وقف التظاهرات بدءاً من الثالث عشر من آذار/ مارس 2020، إلا أنها عوضاً عن صياغة مشروع سياسي لإقناع نشطاء الحراك الشعبي به، راحت تستغل الجائحة مِن أجل التضييق على نشطائه، وتكثيف الاعتقالات التي طالت أكثر من 100 ناشط، والتضييق أكثر على الصحافيين، حتى في نقل أخبار الجائحة.