تمرّ تونس بأزمة هيكلية وعميقة ألحقت
الضرّر بكلّ المجالات والمؤسسات، بما في ذلك الفضاء المدني الذي تعرّض ولا يزال لامتحانٍ
عسير. وإذ شهدت البلاد خلال السنوات العشر الماضية حالةً من عدم الاستقرار وتراجع
نسب النُّموّ وتفاقم المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، إلّا أن الأوضاع
ازدادت سوءاًّ منذ أن تولّى الرئيس قيس سعيد السلطة الكاملة في الخامس والعشرين من
تموز/جويلية 2021، وقام بحلّ البرلمان وإلغاء الدستور وإعلان حالة الاستثناء، فتفاقمت
الأزمة وتعدّدت انعكاساتها على جميع المجالات والقطاعات. إذ لأول مرّة منذ الثورة
يجد الفضاء المدني نفسه معرّضاً لمخاطر جدّية، جعلت القائمين عليه يستعدّون من
جديد لخوض معارك على مختلف الجبهات من أجل الحفاظ على المكاسب التي حقّقوها بعد
نضالات وتضحيات كبيرة. ورغم أن فعّاليات المجتمع المدني بمختلف القطاعات الحيوية
مثال النقابات والجمعيات النسَوية والحركة الحقوقية والفعّاليات الطلابية، استمرت
بنسقٍ متفاوتٍ إلّا أن الحدث الرئيسي الذي اخترق جميع هذه الفعاليات طيلة الفترة
الزمنية التي يغطّيها هذا التقرير هو التحدّي الذي واجهته جميع الأطراف، والذي يتمثّل
في التغيير الذي حصل على رأس السلطة واستهدف المنظومة السياسية والمدنية برُمّتها.