آخر التطورات
عد الى الخلفالتقرير الشهري حول الفضاء المدني بالسودان - فبراير/ شباط 2022
تفاقم الأوضاع بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021
بعد الانقلاب العسكري الذي قام به عبدالفتّاح البرهان في 25 أكتوبر 2021 (مع قبول أو تواطؤ عدد من أعضاء مجلس السيادة وعدد من الحركات المسلحة التي وقّعت اتفاق جوبا للسلام)، وبه تم إلغاء اتفاقية الفترة الانتقالية (الوثيقة الدستورية) وحل هياكل السلطة الانتقالية، بدأت حلقة من العنف من جانب السلطات تجاه الجموع المدنية التي استمرت في الاحتجاج على الانقلاب بشتى سبل المقاومة غير المسلحة. استخدام العنف المفرط تجاه المتظاهرين والمعارضين أصبح ممارسة مستمرة، مع ارتفاع اعداد الضحايا (أموات وجرحى) بصورة شبه يومية وكذلك زيادة المعتقلين السياسيين. لم يتغيّر عنف السلطة المركزية بعد توقيع الاتفاق بين البرهان وعبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السابق، في 21 نوفمبر، إلى استقالة حمدوك في 2 يناير 2022، وحتى لحظة كتابة هذه السطور.
حسب لجنة أطباء السودان المركزية ففي 17 يناير فقط تم التحقق من 17 حالة قتل للمتظاهرين برصاص حي، وهذه الأرقام من حول السودان.
قامت سلطة الانقلاب بحملة اعتقالات واسعة منذ 25 أكتوبر، شملت 63 من موظفي الحكومة وعدد من الشخصيات المؤثرة سياسيا، وشملت الاعتقالات رئيس الوزراء وستة من وزراء حكومته، وتم قطع التواصل بينهم وبين العالم الخارجي في انتهاك واضح للقانون الدولي. أيضا، في الأسبوعين الأوائل من فبراير 2022 جرت اعتقالات جديدة، منها وزير سابق في الحكومة الانتقالية وخمسة أعضاء من لجنة تفكيك التمكين (السابقة) التي كانت وظيفتها التحقيق في حالات الفساد إبان نظام البشير البائد.
وفي إطار التضييق على منظمات وأنشطة المجتمع المدني، رفض جهاز المخابرات العامة لمنظمة السودان للتنمية الاجتماعية “سودو” إقامة ورشة عمل حول التثقيف المدني بمدينة بنيالا في 17 فبراير،
لجان المقاومة السودانية: الظاهرة الجديدة، الخلاقة، في الفضاء المدني السوداني
لجان المقاومة السودانية هي شكل من أشكال الحشد والتنظيم التي نمت مؤخرا في المجتمع السوداني كقناة للتعبير والفعل المعارض للسلطة المركزية للحكومات وعسفها. تشكّلت لجان المقاومة وفق المناطق السكنية (الأحياء والمحليات) وتطوّر نشاطها من كونها محاولات مطلبية وخدمية للمجموعات السكانية (لجان الأحياء) إلى كونها أشكال عمل عام يستعمل أدوات المقاومة المدنية غير المسلحة ضد السلطة المركزية (المواكب الاحتجاجية، التوعية السياسية، وأدوات العصيان المدني والضغط على السلطات). يعود تاريخ نشوء لجان المقاومة إلى 2013 بعد أن قامت قوات نظام حكم عمر البشير البائد بالرد العنيف على احتجاجات سياسية، أدّت إلى مقتل مئات الضحايا واعتقال المئات. إثر ردة الفعل العنيفة تلك بدأت المجموعات المدنية بتنظيم نفسها إلى وحدات أصغر في العمل المقاوم حتى يصعب على السلطات ضربها في مراكزها. تطور عمل اللجان إلى أن صارت صاحبة مساهمة أصيلة في الحراك الثوري الذي بدا في ديسمبر 2018 من شتى بقاع السودان وأدى لإسقاط نظام البشير؛ ثم استمرت في العمل والتنظيم في الفترة الانتقالية التي جاءت بعد سقوط النظام وقامت بأنشطة متعددة في تلك الفترة (من السعي لخدمة المحليات وتفكيك سلطة المتنفذين من النظام البائد، إلى تنظيم الحشود والمواكب وإغلاق الشوارع، إلخ، للضغط على الحكومة الانتقالية والاحتجاج على ممارسات القمع التي استمرت وتشابهت كثيرا مع ممارسات النظام البائد).
بعد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021 – والذي أنهى الفترة الانتقالية بهياكلها وميراثها الإيجابي والسلبي معا وشكّل مرحلة جديدة من القمع والرجوع الكامل عن أهداف الحراك الثوري – صعّدت لجان المقاومة عملها المعارض، والتف حولها الحراك المعارض للانقلاب في معظم المدن والأقاليم السودانية، فتزايدت وتيرة المواكب الاحتجاجية، وتتريس الشوارع (وهي من أساليب المقاومة حيث يتم إغلاق الشوارع الحية في المدن لإحداث تعطيل واضح في سير الأنشطة العامة العادية في المدن والضغط على السلطات بذلك التعطيل وما يؤدي له من توتر عام واهتمام عام بالوضع السياسي في البلد وتبعاته على الجميع. تطوّرت لجان المقاومة كذلك في فعلها السياسي بحيث اتجهت نحو تنظيم نفسها في تنسيقيات (كل لجان متجاورة تشكل تنسيقية، والتنسيقيات تتجمع حسب الولاية، ثم يحصل كذلك عمل وحوار تشاركي بين لجان مقاومات الولايات، إلخ) وعملت على وضع مواثيق وإعلانات سياسية، بصورة جماعية، تكون بمثابة التزام سياسي أثناء مقاومة الانقلاب وحول إجراءات مرحلة ما بعد إسقاط الانقلاب. كذلك زاد تواصل لجان المقاومة مع النقابات ومع عدد من الأحزاب والتنظيمات السياسية وحتى الحركات الاجتماعية المدنية الأخرى. لأجل كل ذلك تُعد لجان المقاومة الظاهرة الجديدة، الخلاقة، في الفضاء المدني والسياسي السوداني حاليا.
زيارة خبير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
في 25 سبتمبر 2019 تم توقيع اتفاق مع حكومة السودان الانتقالية ومفوّضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، يفسح الطريق لتأسيس مكتب حقوق إنسان تابع للأمم المتحدة في السودان (فرع رئيسي في الخرطوم وأربعة فروع في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وشرق السودان). بدأ العمل بالمكتب في 16 يوليو 2020. في 3 يونيو 2020 قام مجلس الأمن بإنهاء مهام بعثة اليوناميد UNAMID في السودان وإنشاء بعثة جديدة - يونيتامس UNITAMS – لمساعدة السودان في عملية المرحلة الانتقالية. تعقّدت الأوضاع في السودان، وللبعثة، بعد انقلاب 25 أكتوبر. وبين 20-24 فبراير 2022، قام خبير حقوق الإنسان بواسطة الأمم المتحدة في السودان، بزيارة السودان، التقى فيها بمسؤولين في حكومة الانقلاب، وممثلين من المجتمع المدني السوداني، وعدد من المدافعين عن حقوق الإنسان، وعدد من أسر ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، حسب تصريحه في 24 فبراير.